روائع مختارة | روضة الدعاة | تاريخ وحضارة | قراءة التاريخ... لماذا؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > تاريخ وحضارة > قراءة التاريخ... لماذا؟


  قراءة التاريخ... لماذا؟
     عدد مرات المشاهدة: 2458        عدد مرات الإرسال: 0

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين.

ماهو التاريخ؟

التاريخ لغة هو الإعلام بالوقت، واصطلاحا: اختلفت عبارات العلماء المسلمين في تحديد تعريف له ولعل ذلك راجع إلى سعة الموضوعات التي تدخل في مفهوم التاريخ.

قال خليفة بن خياط "هذا كتاب التاريخ. وبالتاريخ عرف الناس أمر حجهم وصومهم وانقضاء عِدَدْ نسائهم ومَحِلّ ديونهم.

وقال عبد الرحمن بن خلدون في مقدمته: إن التاريخ - في ظاهره - لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأولى. تنمو فيها الأقوال، وتضرب فيها الأمثال، وتطرف بها الأندية إذا غّصها الاحتفال.

وتؤدي لنا شأن الخليقة كيف تقلبت بها الأحوال، واتسع للدول فيها النطاق والمجال. وعمروا الأرض حتى نادى بهم الارتحال.

وحان منهم الزوال، وفي باطنه نظرٌ وتحقيق وتعليل للكائنات ومباديها دقيق، وعِلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة وعريق، وجدير بأن يعد في علومها وخليق.

لقد نظر ابن خلدون إلى علل الحوادث وأسبابها، وحاول اكتشاف السنن التي تنتظمها، وأكد على بداية الحوادث وقيام الدول وتعليل سقوطها.

كما عّرف المؤرخ الحافظ محمد بن عبدالرحمن السخاوي التاريخ بقوله:

هو التعريف بالوقت الذي تُضبط به الأحوال، من مولد الرواة والأئمة ووفاة وصحة، وعقل وبدن، ورحلة وحج، وحفظ وضبط، وتوثيق وتجريح، وما أشبه هذا مما مرجعه الفحص عن أحوالهم في ابتدائهم وحالهم واستقبالهمز

ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة من ظهور ملحمة، وتجديد فرض وخليفة ووزير وغزوة وملحمة وحرب وفتح بلد، وربما يتوسع فيه لبدء الخلق وقصص الأنبياء وغير ذلك من أمور الأمم وأحوال القيامة ومقدماتها (الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ).

إلى أن قال: والحاصل أن التاريخ فن يبحث فيه عن وقائع الزمان من حيثية التعيين والتوقيت بل عما كان في العالم".

 وقال: "أما موضوعه فالإنسان والزمان"

في العصر الحديث عّرف سيد قطب بغاية التاريخ فقال:

التاريخ ليس هو الحوادث إنما هو تفسير هذه الحوادث، واهتداء إلى الروابط الظاهرة والخفية التي تجمع بين شتاتها، وتجعل منها وحدة متماسكة الحلقات، متفاعلة الجزئيات، ممتدة مع الزمن والبيئة امتداد الكائن الحي في الزمان والمكان.

فالحاصل كما يقول محمد بن صامل السلمي: إن التاريخ علم نظري إنساني، يبحث فيه عن حوادث الزمان من حيث التعيين والتوقيت والتفسير والتعليل. ويشمل جانبين هما:

    1. نقل الحدث بالرواية أو المشاهدة.

    2. تعليل الحدث.

والتاريخ فرع من فروع العلم، وقد صنفه العلماء الذين كتبوا في مراتب العلوم ضمن العلوم التي تخدم الشريعة الإسلامية.

قال سفيان الثوري: "لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ." ولذلك اعتنى كبار المحدثين مثل البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل وابن زرعة وأبي حاتم والترمذي بجوانب من علم التاريخ، وصنفوا كتبًا في ذلك.

ما دام علم التاريخ بهذه المنزلة من عناية العلماء به، وخدمته للشريعة الإسلامية فإنه ينبغي على دارسه أن يتحرى الإفادة منه، وأن يتلقى تعليمه على منهاج سليم (المنهج الإسلامي للدراسات التاريخية).

ولقد ازدادت أهمية التاريخ في العصر الحديث، واستخدامه كأداة لتوجيه الشعوب وتربيتها، كما استعان به أصحاب المذاهب الفكرية في فلسفة مذاهبهم وتأييدها ومحاولة إيجاد سند تاريخي لها. بل إن الإوروبيين ينظرون له نظرة تقديس وإجلال، ويطلبون منه تفسير الوجود وتعليل النشأة الإنسانية.

ولما كان المرء المسلم لا يطلب العلم إلا لغاية وهدف يخدم دينه وعقيدته، فلا بد أن يحدد ما هي الأهداف والثمرة المرجوة من دراسة التاريخ. وهل يكون ذلك لمجرد المعرفة أو التسلية، أو حفظ الحكايات والأخبار أو إشباع رغبة وغريزة حب الاستطلاع.

إن دراسة التاريخ بوجه عام _ وتاريخ الأمة المسلمة على وجه الخصوص - لا ينبغي أن يكتفى في دراسته بتحقيق هذه الرغبات والحاجات القريبة، لأنه علم أجلّ من أن ينظر له هذه النظرة.

ثمرات دراسة التاريخ

إن لدراسة التاريخ ثمرات وفوائد متعددة:

    1. الأهداف التربوية (ولها تفصيل).

    2. معرفة السنن الربانية.

وأنواع السنن: سنن خارقة وسنن جارية.

نماذج من السنن الجارية:

    أ. سوء عاقبة المكذبين.

    ب. أن البشر يتحملون مسؤوليتهم في الرقي والانحطاط.

    ج. مداولة الأيام بين الناس.

    د. زوال الأمم بانتشار الترف والفساد.

    هـ. هلاك الأمم بتفشي الظلم وترك العدل.

    و. انهيار الأمم وزوالها له أجل.

    ز. استحقاق المؤمنين لنصر الله.

    ح. الابتلاء للمؤمنين سنة جارية (وللإنسان على وجه العموم كذلك).

    ط. سنة التدافع أو الصراع بين الحق والباطل.

3. التعرف على معالم تاريخ الإنسانية ومنها:

      أ. معرفة تاريخ الأنبياء عليهم السلام (منهج الأنبياء في مواجهة تحديات العصر).

    ب. التعرف على سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم (منهجه في مواجهة تحديات العصر).

    ج. التعرف على تاريخ الخلفاء الراشدين (منهجهم في مواجهة التحديات).

    د. الاطلاع على سير العلماء والمجاهدين والمصلحين (دورهم في مواجهة التحديات).

    هـ. التعرف على تاريخ دول الإسلام: الأموية والعباسية والعثمانية وعلاقتهم بالدول الأخرى وتاريخ الإنسانية.

    ز. معرفة أثر الإسلام في حياة البشرية.

4. تأكيد جملة من الحقائق الهامة في حياة البشرية وهي:

      أ. أن توحيد الله عز وجل وإفراده وحده بالعبادة، أول ما عرفت البشرية.

    ب. أن الإنسان مستخلف في هذا الكون لغاية.

    ج. أن الإنسان خلق خلقًا سويًا من أول لحظة.

    د. إن الإنسان بحاجة دائمة إلى من يذكره.

    هـ. أن الأمة المسلمة هي صاحبة الدور المؤثر في حياة البشرية.

    5. ومن ثمرات دراسة التاريخ الصبر على المشاق.

    6. لدراسة التاريخ قيمة مادية نفعية.

    7. ويعطي حصانة ضد الخرافات والبدع.

    8. ولدراسة التاريخ فضائل أخلاقية.

    9. ودراسة التاريخ تساعد على فهم الحاضر.

    10. وتمكن من معرفة القرون الفاضلة.

    والأدلة على ذلك كثيرة، ولكن المقام قد لا يسمح بذلك، ومع هذا لا بد من التفصيل في موضع آخر إن شاء الله

الكاتب: أ. د. جمال عبدالهادي

المصدر: موقع إسلام ويب